

آشوريّو وكُرد سوريا في اللجنة الدستورية
2020-01-01
شفان إبراهيم:
قدّم بيدرسون إحاطة إلى مجلس الأمن، جاءَ في بندها الثالث "تحديد جدول زمني، وعملية لصياغة دستور جديد"، والواضح أن الدولة السورية رافضةٌ تماماً للبند، فلا قبول لديها حول الدستور جدولةً وصياغةً جديدة له. ويُكمل بيدرسون أن الإصلاح الدستوري من بين أمور أخرى؛ بتجسيد المبادئ الأساسية الاثني عشر الحيّةِ السورية – السورية التي انبثقت عن مسار جنيف. حيث جاءت المادة الأولى في تلك المبادئ كضربة قاصمة للتطلعات الكُردية، وهي:
ـ الاحترام والالتزام الكامل بسيادة سوريا/ الجمهورية العربية السورية، واستقلالها وسلامتها الإقليمية، ووحدتها أرضاً وشعباً.
بينما في البند الــ/11/ للوثيقة الموقعة بين الطرفين، اتفق المجلس الكُردي مع الائتلاف حول تسمية الدولة السورية بـ "تبني اسم الدولة في عهد الاستقلال"؛ أي تسميتها بالدولة السورية أو الجمهورية السورية.
في تتمة المادة نُقطة مهمة، تُشير إلى إلزام المعارضة السورية بالمطالبة بعودة الأراضي السورية إلى أصحابها:
- وبهذا الصدد، لا يجوز التنازل عن أي جزء من الأراضي الوطنية، ويظل الشعب السوري ملتزماً باستعادة الجولان المحتل بكافة الوسائل المشروعة والقانونية؛ وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
المطالبة بالجولان، إن تمّت، تتطلب كذلك المطالبة بعودة عفرين ومناطق درع الفرات وسري كانيه "رأس العين". وهو المطبّ الآخر للمعارضة السورية التي تقيم في تركيا، ولن يكون بمقدورها الطلب من الأخيرة مُغادرةَ تلك الأراضي.
كما جاء في البند الرابع:
ـ تكون سوريا /الجمهورية العربية السورية/ دولة ديمقراطية غير طائفية، تقوم على التعددية السياسية والمواطنة المتساوية...
حيث ورد في هامش نص الوثيقة ما يلي: "لم يستخدم مكتب المبعوث الكلمة (علمانية)، ويسجل أن الكلمة (غير طائفية) وردت في قرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254، وأن العلمانية، لفظةً، غير واردة في الدستور السوري والذي يشمل عناصر علمانية وأخرى دينية. وهذه مسألة يقررها السوريون وحدهم".
*وهو ما يؤرّق السريان والآشوريين حول مصيرهم في سوريا والدستور الجديد ومطالبتهم بدستور علماني يفصل الدين عن سلطة الدولة، ويرفضون أن يكون النص الديني مصدراً وحيداً للتشريع.
ولو تم ضمّ ممثل أو أكثر، عن منظومة الاتحاد الديمقراطي، في اللجنة الدستورية - وهذا وارد لو تم الاتفاق بينها وبين الدولة السورية - فلن تتغير معادلة الهاجس الكُردي، وربما يتعقد المشهد الكُردي ضمن الهيئتين الصغيرة أو الكبيرة؛ للاحتمالات التالية:
1-وجود المجلس والاتحاد الديمقراطي سيشكل خطراً على القضية الكردية، ما لم يتم الاتفاق على مشروع ومطلب سياسي مُحدد وصريح، دون ألفاظ وتراكيب يُمكن تأويلها مستقبلاً.
2-انسحاب المجلس من اللجنة الدستورية هو إسهام في تمييع ونسف القضية الكُردية لسببين مُركبين:
أوّلهما أن الوفدين المفاوضين لن يتفقا على مبدأ أساسي وواضح، وهو: "هل سيحق للنظام الحالي الترشح لانتخابات عام2021 أم لا". وهو المبدأ الفصل بينهما واستحالة القبول به، مع الإشارة إلى أن ممثلي الحكومة السورية ضمن الثلث الثالث أكثر من المستقلين أو المُقربين من المعارضة السورية.
وثانيهما هو أن اللجنة تشكلت بقرار وضغط ومفاعيل دولية وفاعلة وصاحبة القرار في الملف السوري. وحتى المعارضة السورية، والتي كانت تشترط رحيل النظام أو الشروع بالمرحلة الانتقالية وهي التي تشرع بكتابة دستور جديد، تركت كل قرارات جنيف1 والقرار الأممي2245 وقبلت باللجنة الدستورية. إذاً، لمَ على الوفد الكُردي الانسحاب؟.
3-اللائحة الإجرائية للمفاوضات واضحة، حتى لو ارتفع التمثيل الكُردي في الهيئة المصغرة إلى /10/ ممثلين من أصل /50/، وهي تحتاج إلى 34 صوتاً، وضمن الهيئة الكبيرة /20/ ممثلاً من أصل/150/ وهي المحتاجة إلى 113 صوتاً للموافقة على أيّ بند لم يتم التوافق عليه، فإن القلق الكردي لن يُحلّ عبر الزيادة العددية وحدها. وفق ذلك، فإن الآشوريين أيضاً تحت خطر الإبقاء على عروبة الدولة السورية، ومخاوف بقاء التشريع وتحديد دين رئيس الدولة، والموقف من الحريات وحقوق الأديان وفق ما ترتئيه المصلحة الخاصة بتلك الأديان وليس وفق رغبة المفاوض من الطرفين.
4-طالما ارتضى الكُرد، وسائر القوميات والأديان الأخرى، الذهاب بعيداً مع المعارضة السورية، والانضمام إلى هيئة التفاوض، فإن الحل المتبقي أمام تلك الأقليات يخضع لعدة طروحات:
1-البقاء ضمن هيئات التفاوض واللجنة الدستورية، والاعتماد على المجتمع الدولي بما يفرضونه على المتفاوضين من مبادئ فوق دستورية، أو شكل الدولة ونظام الحكم بحيث يحمي الحقوق الدستورية ويحفظ الهويات القومية لتلك الشعوب في الدستور المقبل.
2-حتى لو وجد الكرد أنفسهم متجهين صوب الدولة السورية، فإن الأكثر قوةً هو تأكيد الحقوق السياسية بضمانة روسية، والذهاب مُجتمعين برؤية سياسية موحدة.
3-من المتوقع أن يطول أمد الصراع الدستوري، وأن تكون معركةٌ شرسةٌ بين الطرفين، تفضي في نهاية الأمر إلى حلّ اللجنة وعودة كل طرف إلى مواقعه، وهو ما يعني أن مرحلة أكثر شراسةً وفتكاً ستبدأ في سوريا؛ تحديداً لو كانت لأمريكا نية في إغراق روسيا وإيران أكثر منه في الوضع السوري، كحالة شبيهة بالأفغنة وما ستعانيه روسيا حينها، وتأجيج الصراعات والتوترات ضمن الداخل الإيراني مُجدداً.
وبخصوص البندين المذكورين أعلاه، فإن شرائح مجتمعية عديدة ستعترض على تثبيتهما، ومن الممكن أن تشهد اللجنة تحالفاً للأقليات، يليه اتخاذ موقف يُحرج الوضع أكثر.