call us now

(+964) 751-4413372

الأزمة الاقتصادية تطفو والشعب يغرق

2020-01-28

أفين يوسف

 

الأزمة الاقتصادية، التي تعصف بسوريا، ليست آنية، حدثت مؤخراً إثر ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، إنما هي أزمة كانت غارقة ثم طفت إلى السطح.
طالما اعتمدت الحكومة السورية في اقتصادها على النفط، والزراعة، والثروة الحيوانية، بالإضافة إلى بعض الصناعات المحلية. انخفض إنتاج النفط بصورة كبيرة خلال سنوات قليلة، حيث كان إنتاج النفط عام 2008 يبلغ 406 ألف برميل، بينما انخفض إلى 24 ألف برميل فقط عام 2018، بحسب إحصاءات موقع "بيريتش بتروليوم" للنفط. ويعتبر احتياطي النفط في سوريا ضئيلاً جداً مقارنة باحتياطي باقي الدول، كالمملكة العربية السعودية، التي يبلغ احتياطها من النفط 268 مليار برميل مقابل 2.5 مليار برميل من احتياطي النفط في سوريا.

 

إن معدلات النفط، آنفة الذكر، قد تكون أقل بكثير مما يستخرج من الأرض، ويعتبر النفط الخام والغاز الطبيعي والفوسفات من الثروات الباطنية المهمة، التي يعتمد عليها اقتصاد سوريا، لكن لم يكن معلوماً الكميات الحقيقية المستخرجة، بسبب تكتم الحكومة السورية على واقع الثروة الباطنية، فكان موضوع النفط يعتبر "خطاً أحمر"، ويمنع تداوله نهائياً.
بعد الأزمة السورية عام 2011 تجلت عدة حقائق، منها أن كميات النفط المستخرجة هي أكبر بكثير من الكميات التي يتم اعتمادها عالمياً، وأن تلك العائدات لم تكن تدخل في موازنة الدولة، بل كانت تباع في السوق السوداء بأسعار منخفضة عن السعر العالمي؛ مقابل تقاضي قيمتها بالعملة الأجنبية نقداً "كاش". وطبعاً، تدخل عائدات تلك البراميل من النفط إلى حسابات مصرفية خاصة بأصحاب السلطة خارج سوريا.
ولم تكن الحال أفضل، بعد خروج معظم حقول النفط عن سيطرة الحكومة السورية، حيث بقيت حقول النفط لمدة طويلة تحت سيطرة الفصائل المسلحة وداعش، وكانوا يستخرجونه بطرق بدائية، وما أفاد من عائداته الشعب مطلقاً. وبعد تحرير تلك المناطق، وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها وإرجاعها حقول النفط، إلا أن مصير النفط بقي مجهولاً؛ بسبب وجود قوى كأمريكا وروسيا، ومحاولة كل منهما السيطرة على تلك الثروة واحتكارها.

 

أما بالنسبة للثروتين الزراعية والحيوانية، لم تكونا أفضل حالاً من الثروة الباطنية، حيث كانت تباع المحاصيل الزراعية للمراكز والجمعيات الزراعية بأسعار رخيصة، ولم يكن بمقدور الفلاح فعل شيء حيال ذلك، فإما أن يتلف محصوله أو يباع للدولة. وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستثمرة ما يقارب 5.7 مليون هكتار، ما بين مروية وبعلية، ويعمل ما يقارب مليون نسمة من سكان الأرياف بالزراعة.
تدهورَ القطاع الزراعي، خلال سنوات الأزمة السورية، بنسبة خطيرة، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، وانعدام الأمن، وارتفاع أسعار الحبوب والسماد، وهجرة اليد العاملة، والعوامل المناخية. وكان أكثر العوامل تأثيراً في القطاع الزراعي هو الحرب، التي تسببت بانعدام الأمان والحرائق في المحاصيل الزراعية، كما قامت عناصر الفصائل المسلحة باقتلاع أشجار الزيتون، التي كانت تعتبر من المنتجات الزراعية الأكثر أهمية في سوريا. أثّر تدهور الزراعة في انخفاض المنتج الحيواني بنسبة كبيرة، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وإغلاق المعابر وسيطرة الفصائل المسلحة على الطرق الواصلة بين مناطق الداخل السوري.

 

عوامل أخرى أثرت في الاقتصاد السوري، وهي: الحصار الاقتصادي التجاري على الحكومة السورية، وتوقف عدد من المعامل والشركات عن العمل، وتدمير البنى التحتية بفعل الحرب، وبالتالي هجرة ما يزيد عن سبعة ملايين نسمة، أغلبهم من الشباب. كل تلك العوامل أدت إلى تضاؤل كبير في كمية العملات الأجنبية الواردة من شركات الإنتاج والصادرات وعائدات السياحة، وأيضاً يرجع تدهور سعر الليرة إلى فقدان سوريا الاستقرار النقدي، على إثر تبديد الاحتياطي النقدي في المصرف المركزي الذي كان يبلغ 18 مليار دولار عام 2011، والحجز على أموال تجار وشخصيات مقربة من الرئيس السوري بشار الأسد.
بالطبع هناك عوامل سياسية أثرت، بدورها، بشكل كبير في الحالة الاقتصادية؛ أدت إلى ارتفاع سعر الدولار وتدهور الليرة السورية بشكل غير مسبوق، ما سبب ارتفاعاً في أسعار السلع بشكل هستيري، ومن تلك الأسباب تدهور الأوضاع، والحصار في لبنان، الذي ساهم بشكلٍ كبير في تدهور الليرة السورية.
كما تأثر الاقتصاد السوري بتردي الأوضاع الاقتصادية في إيران، التي كانت تدعم النظام السوري اقتصادياً، بسبب تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران، خاصة مع ازدياد التوتر الحاصل بينها وبين أمريكا، بعيد اغتيال قاسم سليماني على يد قوات الحكومة الأمريكية؛ ما أدى إلى توقف الدعم.
عندما تتدهور الحالة الاقتصادية في بلدٍ ما، فإن ذلك البلد يجب أن يُوجد حلولاً إسعافية، تحول دون حدوث كوارث إنسانية مثل ارتفاع نسبة الفقر وزيادة الهجرة وغيرها من تداعيات. لكن، في الأزمة الاقتصادية السورية، تغيب الحلول بسبب حالة عدم الاستقرار وانتشار الفساد والفوضى المؤسساتية والحرب، لذلك يكمن الحل في إزالة كل تلك المسببات، ومن المحال ذلك في ظل تعدد القوى المتصارعة على الأرض السورية. ويبقى الشعب هو اللقمة السائغة التي يمضغها حيتان الأزمة.

يمكن للحكومات القائمة حالياً، سواء أكانت الحكومة السورية أم حكومة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، العمل على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية؛ عن طريق الموازنة بين دخل المواطن وما يحتاجه من مصاريف، ليستطيع الاستمرار في العيش بكرامة، بالإضافة إلى زيادة المشاريع التنموية التي ستساهم في إنعاش الاقتصاد والحد من البطالة، وأيضاً إزالة الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة؛ كدعم القطاع التعليمي والتمسك العادل بالمتعلمين ذوي الشهادات الجامعية والأكاديميين وما إلى ذلك من التحصيل العلمي، وتهيئة فرص العمل لهم، والسماح للشركات الأجنبية والأفراد المغتربين باستثمار أموالهم في المنطقة، ما سيساهم في تحسين المستوى الاقتصادي للبلاد، وعدم الاكتفاء بالوعود التي ما زالت  تثقل كاهل المواطن وتشتّت مصيره.
 

انهاء الدورة العاشرة من برنامج تمكين النساء – أساسيات الحاسوب والمهارات الحياتية في مكتب قامشلي

أنهى مكتب آسو في القامشلي الدورة العاشرة من برنامج تمكين النساء – أساسيات الحاسوب والمهارات الحياتية بتاريخ 31 آب 2025. استمر التدريب لمدة شهرين، بمشاركة...

Read more
57 منظمة سوريّة تطالب بضمان العودة الآمنة لمهجّري رأس العين/سري كانيه وتل أبيض واسترداد ممتلكاتهم يجب تضمين الانتهاكات التي شهدتها المنطقة ضمن برامج العدالة الانتقالية بما يضمن الإنصاف وجبر الضرر والتعويض وعدم التكرار

رغم التحوّلات الكبرى التي شهدتها سوريا، بما فيها سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2024، وتشكيل الحكومة الانتقالية وعودة قرابة مليوني نازح داخلي إلى...

Read more
سوريا: مدينة القامشلي تشهد انعقاد المنتدى السنوي الثاني من “أصوات من أجل السلام” الحوار الوطني الشامل بين جميع الطوائف والمكونات هو الخطوة الأساسية نحو الانتقال السياسي الحقيقي

في اليوم الدولي للسلام، شاركت “ مركز آسو للاستشارات والدراسات الاستراتيجية (ASO)” إلى جانب مجموعة من المنظمات والجمعيات السورية الأخرى، بعقد “المنتدى السنوي الثاني –...

Read more