call us now

(+964) 751-4413372

التشاركية في القرار السياسي وصياغة الدستور

2020-02-02
مع تسارع الأحداث على الساحة السورية على مختلف الصعد وخاصة الميدانية منها تفتحت ذهنية اللاعبين الدوليين في الملف السوري عن آلية يعملون من خلالها على تقويم الازمة ووضعها ضمن رهانات السجلات والمزايدات السياسية بما يخدم مصالح كل دولة وذلك بإبقاء الوضع الميداني مشتعلاً ومحاولة يائسة للتعتيم على ما يجري من خلال استحقاقات سميت بالسياسية . فكانت فكرة انعقاد مؤتمر لصياغة دستور جديد لسوريا في جنيف .
أمام هذا الاستحقاق لابد من الوقوف عند نقاط هامة وحاسمة في الازمة السورية . 
أول هذه النقاط وقبل الخوض في مسار الاستحقاق الدستوري علينا أن نقرأ الوضع الدستوري من زاوية قانونية محضة لنتمكن من مقاربة الوضع الراهن مع الحقائق العلمية والعملية لصياغة الدستور . كما أنه علينا الوقوف برهة لبحث فيما أذا كان الاستحقاق الدستوري من الاهمية بحيث يوضع في مقدمة المسارات والاستحقاقات الأخرى . 
1 – أن النظر إلى ما يجري في سوريا هو عملية دستورية بحته فيه مغالطة للواقع والحقيقة فلو أن الوضع كان يتعلق بصياغة دستور جديد أو تبديل الدستور القائم بما يلبي طموحات الشعب اصلاً لم تكن بحاجة إلى كل ما جرى وما يجري على الساحة السورية من اقتتال ودمار وتهجير . نستشف من هذا إلى أن الدول الفاعلة في الملف السوري تحاول الخروج من عنق الزجاجة بأساليب غير واضحة المعالم فهي تحاول اختزال العملية السياسية برمتها بلجان لصياغة الدستور . سنأتي على بحث تشكيلها وتشكيلاتها لا حقاً هذه اللجان الغاية منها تقطيع الوقت والقفز فوق الاستحقاقات المقررة بالقرارات الأممية وخاصة القرار / 2254 / والذي تمت الإشارة من خلالها إلى استحقاقات تشكل اللبنة الأساسية للوصول إلى حل سياسي شامل وعادل للوضع السوري وأهمها هو المرحلة الانتقالية وبحث موضوع المعتقلين والمخطوفين وعودة المهجرين وتليه المرحلة اللاحقة في تشكيل حكومة انتقالية تكون مهمتها الأساسية لاحقاً تشكيل لجان لصياغة دستور جديد يتوافق مع متطلبات المرحلة الراهنة ومستقبل سوريا . 
أما وإن الوضع قد ذهب إلى غير ذلك فلا يمكننا اعتبار ما يجري سوى تضيع للوقت وأتاحه الفرصة أمام المتحاربين لتحقيق إنجازات ومكاسب  في الميدان تتيح للمنتصر فرض رؤيته ورؤية داعميه الدوليين الطامحين لتحقيق مكاسب دولية من خلال ما يتم تحقيقه في الوضع السوري ومحاولة البعض للاستفادة من معاناة السوريين واستخدامهم كورقة ضغط على المجتمع الدولي لابتزازه وتحقيق مكاسب دولية قد تكون في مناطق أخرى . 
وباختصار شديد  نرى أن بحث صياغة دستور ما هو الا البحث في مسائل متقدمة كان لابد من التمهيد لها مسبقاً يحل عدة مسائل عالقة وتشكل حجر زاوية في تحقيق مصالحة وطنية شاملة تعيد الثقة بين الأطراف المتنازعة هذه الثقة هي التي ستكون الأرضية الصلبة للاستحقاق الدستوري والاستحقاقات السياسية اللاحقة وبتعبير أخر أن بحث صياغة الدستور في المرحلة الراهنة ما هو إلا عملية  (( وضع العربة امام الحصان )) .

-    أما وإن الرأي الدولي قد استقر على ذلك ورأى فيه مدخلاً يمكن الولوج منه لعملية سياسية أوسع وأشمل أو أن هذه اللجان هي اداة طيعة لتحريك المياه الراكدة واعتبارها رمياً للحجر في هذه البركة الراكدة لتحريكها من هنا يمكن أن نقول أنه فرض لأمر واقع يتبناه المجتمع الدولي والدول الاقليمية المتدخلة في الشأن السوري وأوعز كل منها لمن  يدعمه من الأطراف السورية للدخول في هذه العملية  . هذه الأطراف والتي ليس لها إلا الرضوخ والإذعان لرؤية داعميها من هنا كانت العملية الدستورية أو ما يسمى لجان صياغة الدستور . 
-    لذلك علينا وقبل الخوض في بحث عمل هذه اللجان وأليات تشكيلها وتشكلها لابد لنا من قراءة قانونية علمية لأليات تشكيل الدساتير وانتهائها  ومقارنتها مع الوضع السوري وهل ينطبق ذلك عليها فعلياً ؟؟؟ 
أولاً – نشأة الدساتير : تختلف الدساتير باختلاف الظروف والأوضاع المحيطة بهذه النشأة وتعود هذه الظروف الموضوعية إلى نظام الحكم الذي يتم وضع الدستور في ظله ومدى التطورات الحضارية والسياسية التي وصل إليها شعب هذه الدولة . 
لذلك يقسم ويصنف فقه القانون الدستوري أساليب نشأة الدساتير إلى نوعين رئيسيين :
1 – أساليب غير ديموقراطية وأمثلتها   أ – المنحة – ب – العقد 
وحيث أن هذا النوع من الأساليب لم يعد له وجود في هذا الوقت لذلك ستقتصر قراءتنا على الاساليب الديموقراطية وهي السائدة في أغلب الدول حالياً . 
ويتمثل هذا الاسلوب بطريقتين : 
أ – جمعية تأسيسية تطبق كامل لمفهوم الديموقراطية النيابية حيث يقوم الشعب بانتخاب جمعية نيابية تضطلع بالسلطة التأسيسية وتتولى مهمة وضع الدستور وهي أعلى من السلطة التشريعية لوكالتها الخاصة بإنجاز هذه المهمة المنتخبة من أجلها . 
ب – الاستفتاء الدستوري : وهو أهم مظهر من مظاهر الديموقراطية شبه المباشرة ويتنوع من حيث المظهر إلى عدة أنواع / دستوري أو تأسيسي – تشريعي – سياسي / والذي يهمنا في قراءتنا هذه هو الاستفتاء الدستوري الذي يعطي للوثيقة الدستورية أو نصوصها الشرعية بعد موافقة الشعب عليها . 
ثانياً – نهاية الدساتير : يقصد به التعديل الشامل أو الانهاء الكلي للوثيقة الدستورية وتظهر الحاجة له عندما يظهر عجز المبادئ والاحكام عن مسايرة التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . بحيث لا تكفي التعديلات الجزئية لمواجهتها فلابد عندئذ من وضع دستور جديد يتوافق مع هذه التطورات ويتم انهاء الدساتير بطريقتين : 
أ – الطريق العادي : الغاء الوثيقة الدستورية وتوقيف العمل بإحكامه بهدوء  وبغير عنف واستبداله بدستور جديد يلبي متطلبات التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد تبرز صعوبة هذا التعديل في الدساتير المكتوبة الجامدة حيث أن وثيقتها تخلو من الاشارة إلى تعديلها تعديلاً شاملاً ويرى غالبية الفقه القانوني عدم جواز ذلك . 
وأبرز الامثلة على نهاية الدساتير هو : 
1 – اتحاد دولتين حيث تسقط دساتير كلاً من الدولتين ويتم وضع دستور جديد للدولة المتحدة . 
2 – تفكك الدولة إلى عدة دول حيث يسقط الدستور للدولة السابقة وتقوم كل دولة يوضع دستور خاص بها . 
ب – الطريق الثوري : اسقاط الدساتير وأنهاءها وإيقاف العمل بها اعقاب اندلاع الثورات والانقلابات ويجب التفريق بين الثورة والانقلاب فالانقلاب هو قيام مجموعة معينة أو هيئة حاكمة بحركة عسكرية بغاية الاستيلاء على الحكم بغير الطرق الدستورية أما الثورة فهي أن الشعب هو مصدر الحركة .  
هذا من ناحية المصدر أما من ناحية الأهداف فيمكن التفريق بينهما على النحو التالي إذا  كانت الغاية تولي فريق جديد لمقاليد المحكمة بدلاً من الطاقم السابق فذلك بعد انقلاباً أما أذا كانت الحركة تهدف إلى احداث تغير جذري في النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي فهي ثورة . 
بعد هذا الاستعراض القانوني البسيط ومحاولة اسقاطه على ما يسمى استحقاقاً دستورياً ومقاربته مع الوضع السوري الحالي وما آلاته تخلص إلى النتائج التالية : 
1 – أن ما يجري في جنيف من مباحثات حول وضع دستور جديد لا ينطبق عليه أي وصف من التوصيفات القانونية السابقة : فهو ليس لجان منتخبة شعبياً مكلفة بمهمة   وضع دستور للبلاد بل أن الاطراف المتصارعة في سورية وخاصة الدولية منها اوعز كل منه إلى بيادقه في الساحة السورية لتسمية ممثليه وفرض أجندات هذه الدول على المؤتمرين وأن محاولة تجميل هذه اللجان بما يسمى ممثلي المجتمع المدني ليس الا ذراً للرماد في العيون وكلنا على علم بان سوريا لم تكن يوماً تحتمل وجود مثل هذه المنظمات بل ذهبت إلى ابعد من ذلك بوضعها على قوائم التخوين بحجة التعامل مع الخارج فمن اين ولدت مثل هذه المنظمات المدنية واعطيت التوصيف هذا ؟؟؟
كما أن ما جرى في سوريا لا يمكن أن يطبق عليه توصيف التغير الثوري فقوى الثورة لم تستطيع السيطرة على مقاليد الحكم لتقوم بأعداد دستور جديد للبلاد بل حتى أن المساحات الجغرافية لتواجدها انحسر إلى درجة كبيرة . 
أمام كل هذا لا يمكن القول بان الاستحقاق الدستوري الذي يتم الأعداد له في الاروقة الدولية لا يعبر عن حقيقة وتطلعات السوريين ولتوضيح ذلك لابد من تشريح للفعاليات المشاركة في هذا الاستحقاق : 1 – مجموعة النظام : وهي المجموعة الأكثر تماسكاً ووضوحاً في الرؤية والطرح . 
2 – مجموعة المعارضة : وهي خليط غير متجانس من احزاب قومية وعلمانية وإسلامية وتطغى عليها الرؤية العامة للإخوان المسلمين وهي رؤية الدول الاقليمية الداعمة لهذه المجموعة . لذلك نرى أن رؤيتها غير متجانسة بل هي متضاربة في الكثير من النقاط ولعل النقطة الوحيدة المتفقين عليها هي اسقاط النظام . 
3 – مجموعة المجتمع المدني في الداخل سبق لنا ان بينا ان مثل هذه المجموعات لم يكن لها اساساً في المجتمع السوري وان ظهرت مؤخراً في بعض المناطق الغير خاضعة للنظام وغير خاضعة لفصائل المعارضة الاسلامية ومنذ ظهورها في مناطق شمال وشرق سوريا كان حضوراً خجلاً انصب جله في الحالات الاغاثية مع بعض النشاطات الغير ملفتة للانتباه لبعضها حول قضايا المجتمع المدني والتشاركية واذا كانت هذه الملاحظات حول المجموعات المشكلة لبحث الاستحقاق الدستوري الا ان هناك ملاحظات لابد من ايرادها بشكل واضح دون أي محاولة للتغطية عليه . 
أ – عدم اشراك الادارة الذاتية او ما يسمى مجلس سوريا الديموقراطية في هذا الاستحقاق يستوجب التوقف عنده قليلاً أو مطولاً : فالإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديموقراطية مع قواها   الأمنية والعسكرية تسيطر على مساحة جغرافية كبيرة من سوريا تضاهي المساحة التي يسيطر عليها النظام وهي اضعاف مضاعفة للمساحات االتي تسيطر عليها المجموعات المسلحة المعارضة هذا من حيث الامتداد الجغرافي . 
-    كما أن هذه المجموعة تسيطر على مراكز اقتصادية حيوية تشكل اكثر من 50% من الاقتصاد السوري ولها خلال المرحلة السابقة تجربتها في أدارة منطقة شمال وشرق سوريا بغض النظر عن تقيمنا لهذه التجربة او توافقنا معها فهي تجربة تستحق الوقوف امامها وتعميق إيجابياتها وكشف سلبياتها والعمل على تطوير اداءها بحيث تشكل تجربة يمكن البناء عليها . 
-    لذلك نرى أن تغيب هذه الادارة عن المشاركة في هذا الاستحقاق يشكل خللاً قد لا ينجح معه الاستحقاق في حال استمر بعمله وهو مالا نتوقعه  . 
-    ب - تغيب  مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة في منطقة شمال وشرق سوريا هذه المؤسسات هي الأكثر تعبيراً عن روح العمل المدني لوجود هامش من الحرية تستطيع العمل من خلاله بينما منظمات المجتمع المدني المشاركة ما هي الا تسميات لشخصيات منقسمة في التأييد بين المعارضة والنظام لذلك يمكننا ان نعتبر أنه لا وجود لهذه المنظمات في الاستحقاق الدستوري المخطط له في جنيف . 
-    بعد كل ما تقدم نرى أنه وللوصول إلى السلم الدائم وإقامة نظام حكم يتلاءم مع متطلبات المرحلة القادمة لا بد من : 
-    اعلان قيام المرحلة الانتقالية .
-    اطلاق سراح المعتقلين وعودة المهجرين . 
-    تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة . 
-    العمل على تشكيل هيئات منتخبة شعبياً لصياغة دستور للبلاد . 
على أن يكون ممثلاً لجميع شرائح المجتمع السوري وأطيافه دون اقصاء وأن يكون مدعماً لشخصيات ذات اطلاع قانوني واسع يكون اساس هذا الدستور المساواة الكاملة لجميع أطياف الشعب السوري دون ورود أي مادة تفضيلية لشريحة على اخرى / دينياً وقومياً وجنسياً / وان يكون مرتكزه الاساسي المواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الانسان . 
نأمل أن نصل إلى ضالتنا هذه علماً بانه لا يمكن أن التعويل كثيراً على ذلك بوجود جيوش أجنبية متعددة الجنسيات على الأرض السورية وبوجود مقاتلين غير سوريين ينتمون إلى كل الأطراف ولكل مبرره في ذلك علماً أننا لا نتفق مع أي تبرير للتدخل الغير سوري في الشأن السوري .    
المحامي 
موسى حنا عيسى

انهاء الدورة العاشرة من برنامج تمكين النساء – أساسيات الحاسوب والمهارات الحياتية في مكتب قامشلي

أنهى مكتب آسو في القامشلي الدورة العاشرة من برنامج تمكين النساء – أساسيات الحاسوب والمهارات الحياتية بتاريخ 31 آب 2025. استمر التدريب لمدة شهرين، بمشاركة...

Read more
57 منظمة سوريّة تطالب بضمان العودة الآمنة لمهجّري رأس العين/سري كانيه وتل أبيض واسترداد ممتلكاتهم يجب تضمين الانتهاكات التي شهدتها المنطقة ضمن برامج العدالة الانتقالية بما يضمن الإنصاف وجبر الضرر والتعويض وعدم التكرار

رغم التحوّلات الكبرى التي شهدتها سوريا، بما فيها سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2024، وتشكيل الحكومة الانتقالية وعودة قرابة مليوني نازح داخلي إلى...

Read more
سوريا: مدينة القامشلي تشهد انعقاد المنتدى السنوي الثاني من “أصوات من أجل السلام” الحوار الوطني الشامل بين جميع الطوائف والمكونات هو الخطوة الأساسية نحو الانتقال السياسي الحقيقي

في اليوم الدولي للسلام، شاركت “ مركز آسو للاستشارات والدراسات الاستراتيجية (ASO)” إلى جانب مجموعة من المنظمات والجمعيات السورية الأخرى، بعقد “المنتدى السنوي الثاني –...

Read more